أردت الخروج للسوق يوماً ما لأمر ضروري إلا أنّ الكسل هو الغالب، من الأسباب أيضاً: اغلاق معبر الخروج القريب من حيّنا، أرغمت نفسي على الخروج عبر أحد المعابر الأخرى البعيدة، وفي طريقي شطحت نفسي وكما هي النفس معروفة أمارة بالسوء.

استَخْدَمَت نفسي التعبير المجازي – لو – ولو هنا حرف شرط غير جازم يفيد التعليق في الماضي، فقالت: لو أنك ولدت في زمن الجاهلية لكنت حراً تتجول بفرسك الأصيلة في السهول المعشوشبة الخالية من المعابر (والشبوك) والحرس، وتلتقي (عبلة) بين الفينة والأخرى عند الغدير وتبادلها وتبادلك أعذب الشعر، وتمارس هواية الصيد دون خوف من حماية!!

وإذا شعرت بنقص(الحلال) (تغير) على القبائل المجاورة وتبحث عن(حلال) طيّب (وتمردغ) صاحبه وتنهب (حلاله) ويذيع صيتك بين(العربان) بمعنى مشهوراً بمصطلح العصر الحديث، فأفقت على وميض (ساهر) فارتجف جسمي، حرمني من متعة الحلم في الزمن الجاهلي بسبب زيادة السرعة سهواً بنسبة لا تكاد تذكر.

فلم أكن في الزمن الجاهلي، ولم يعد لدي فرس أصيلة، ولم ألتقي (عبلة)، ولم (أغير) لأنهب وأروّع إنسان آمن.. ولم أسلم من (ساهر) فما كان مني إلا أن نفثت عن يساري ثلاثاً وتعوذت من الشيطان الرجيم.. الآن على أحر من الجمر انتظر نزول المخالفة، وإن نزلت المخالفة فهي كفارة عن حلمي اليقظي الجاهلي الجائر.

ما أعظم نعمة الله علينا بالإسلام الذي حفظ النفس والمال والعرض والحدود، وساوى بين أطياف الأمم!.